أسامة عجاج يكتب: لبنان رحلة الألف ميل بحثاً عن رئيس 

انتخابات لبنان
انتخابات لبنان

اربعة اسباب تجعل مسآلة انتخاب رئيس جديد للبنان بعيدة المنال والمؤشرات اكثر من ان وعد وتحصي فالامر قد يتجاوز فكرة خلافات بين شركاء سياسين وغياب اي توافق الي ابعد من ذلك القبول تاريخيا والتسليم بمسألة ان هناك دور اقليمي ودولي في عملية الاختيار مما يتسبب في حالة غضب شديد من جهات مفصلية في لبنان وفي مقدمتهم البطريرك الماروني بشاره الراعي هاجم مجلس النواب محملا اياه مسئولية( خراب البلد وتفكيكها ووصف جلسات انتخاب الرئيس (بالمهزلة ) واعتبر ان لبنان في حاجة الي رئيس منقذ يعلن التزام حاسم باخراج لبنان من ازماته وتشكيل حكومة انقاذ وطنية وعلي مستوي الخارج جاء ابرز تصريح علي لسان مساعدة وزير الخارجية للشرق الاوسط باربارا ليف قالت ان عدم انتخاب رئيس للبنان سيؤدي بالبلد الي فراغ سياسي غير مسبوق مما ينذر ب انهيار الدولة مجتمعيا

ولعلنا نلقي الضوء علي كل سبب من الاسباب الاربعة وهي كالتالي 

اولا : مايجري كل خميس وهو الموعد الذي اعتاد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري دعوة اعضاء المجلس للبحث في انتخاب الرئيس وتكرر المشهد بحذافيره سبع مرات كاملة دون أي نتيجة اخرها الخميس الماضي حيث جاء التصويت كالتالي ميشال معوض ٤٢ وتضم اصوات نواب المعارضة من القوات اللبنانية والتقدم الاشتراكي ونواب لبنان الجديد مع وجود ٥٠ ورقة بيضاء تضم نواب من الثنائي الشيعي حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر وست اصوات للدكتور عصام خليفة وصوتين الي الوزير السابق زياد بارود وصوت لمدير الجمارك السابق الموقوف علي ذمة قضية التفجيرات وهذه النتيجة لا تختلف كثيرا عن وقائع الجلسات السابقة وبدا الامر كما لو كان ملهاة او مأساة يعيشها البلد دون احساس بالذنب من الطبقة الحاكمة 

ثانية : السوابق التاريخية التي توكد ان امر هذه المرة ليس جديدا بل تكرر ثلاث مرات وبدا في العام ١٩٨٨ في نهاية حكم الرئيس امين الجميل فعندما فشل المجلس النيابي في التوافق حول اسم الرئيس كلف قائد الجيش في ذلك الوقت العماد ميشيل عون - لاحظ الاسم - بتشكيل حكومة عسكرية تتولي مؤقتا صلاحيات الرئيس وتقوم بالتحضير لانتخابات جديدة وفي ظل الانقسامات بين اعضاء المجلس العسكري دخلت السعودية – لاحظ ايضا الدولة وجمعت الفرقاء في مدينة الطائف حتي تم التوصل الي اتفاق في يوليو ١٩٨٩ والذي تحول الي الي احد الركائز الحاكمة في الحياة السياسية في لبنان وضع حدا للحرب الاهلية وسهل انتخاب رينيه معوض رئيسا والذي تم اغتياله بعد اشهر ليخلفه سريعا الرئيس الياس الهراوي ولم تمر سوي سنوات وتحديدا في عام ٢٠٠٧ وعاد لبنان الي عهده القديم وكان في ذلك في نهاية الرئيس اميل لحود وعاش لبنان علي وقع ازمة كبيرة بعد اغتيال رفيق الحريري بين فريقي ٨ و١٤ اذار واستمر الفراغ حتي تدخلت قطر وجمعت الفرقاء وتم التوصل الي اتفاق الدوحة والذي فتح الطريق امام رئاسة ميشيل سليمان وعاد لبنان ليعيش الفراغ الثالث من نهايه عهد سليمان مدة حوالي عامين ونصف عقد خلالها مجلس النواب ٤٥ جلسة ليتم انتخاب ميشال عون نتيجة تسوية بين الرئيس سعد الحريري رئيس الوزراء والقوات اللبنانية ونظرا لان تلك المعادلة اختلت في ظل انسحاب سعد الحريري فان امر الشغور الرئاسي الحالي سيطول 

ثالثا : غياب التوافق بين الفرقاء السياسين وداخل كل فريق ولعل ابرزها الخلاف الشديد بين تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل الحزب يسعي الي تعويم مرشحه غير الرسمي وحليفه حيث لم يتم تسميته حتي الآن بدليل ال٥٠ ورقة بيضاء حيث فشلت المشاورات الصعبة اجرها جزب الله مع زعيم التيار الحر خلاصته رفض الاخير في الذهاب باتجاه رغبة الحزب في تمرير الوزير سليمان فرنجيه زعيم تيار المردة فهو يحظي بتأييد الثنائي الشيعي ونسبة كبيرة من السنة بالاضافة بالطبع الي كتلته خاصة فهو يسعي الي وجود رئيس بمواصفات ميشال عون تتمتع معه بالتغطية السياسية التي يحتاجها ويسعي الي ايصال من يريده الي منصب الرئاسة ويشترط الا يبيع حزب الله ولا يطعن المقاومة من الخلف ولا يتحالف مع واشنطن ضدهم بل يطالب الحزب بطاولة حوار يديرها رئيس الجمهورية حول سلاح المقاومة كما قال نائب رئيس الحزب نعيم قاسم مشيرا الي ان الحزب ليس مسئولا وحده علي عدم التوصل الي تسمية الرئيس وقد اكد وزير الاعلام اللبناني زياد مكاري القريب من فرنجية تحدث علنا ان الحزب يدعم انتخابه ومن الممكن ان يعلن ذلك دون موافقة التيار الحر في نهاية الامر بينما قريبون من التيار اعتبروا ان حزب الله في ازمة ولن يستطيع ان يتخلي عن باسيل ولكن ازمته في صعوبة ترشيحه نتيجة فرض عقوبات امريكية علي شخصه لم يستطع رفعها بينما يقول صهره ميشيل عون ان مجرد انتخابه رئيسا للبنان يرفع عنه العقوبات تلقائيا لان هناك حصانة دولية للمنصب والبديل امام الحزب السعي الي تسوية كبيرة تضمن تحقيق المقاربة التي يعمل عليها تقول وبوضوح ( اذا لم اكن انا الرئيس فانا من يصنعه ) مع عدم استبعاده ترشحه للرئاسة وقال مؤخرا (اعمل علي ايجاد مرشح توافقي يكون قادرا علي المضي قدما في اصلاحات حاسمة)( وسأترشح اذا رأيت ال المرشح ليس خيار جيدا انا زعيم اكبر كتلة برلمانية ومن حقي ان اكون مرشحا وان اروج لاسمي) ولم يستبعد ان الفراغ الرئاسي قد يستمر لفترة طويلة ومن بين المقاربة تقديم تنازلات من فرنجية في حالة انتخابه تسمح له بتعيين قريبون منه في منصب حاكم لبنان القادم ومدته تنتهي في الصيف القادم مع بعض القيادات العسكرية فهناك مخاوف من امتداد الشغور الي المؤسسة العسكرية بعد احالة بعض قيادتها الي التقاعد وتعيين بدلاء لهم يحتاج الي قرار من مجلس الوزراء لا تستطيعه حكومة تصريف الاعمال الحالية وكذلك مديد الامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي يحال للتقاعد في مارس القادم 

رابعا : تباين مواقف اللاعبين الاقليمين والدوليين الاساسين في لبنان تجاه قضية اختيار رئيس حيث اجتمع ألرئيس الفرنسي ماكرون مع ولي العهد السعودي علي هامش قمة العشرين وكان الوضع في لبنان علي مائدة البحث وطرحت فكرة انهم مع رئيس لا يشكل تحديًا ويحظى بتوافق اللبنانين ويرضي السعودية ليضمن اعادة تفعيل العلاقات معها التحرك الفرنسي يحظي بصفة عامة بدعم امريكي دون مشاركة او الدخول في التفاصيل وتطرح فرنسا فكرة انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون وتعلن دعمها له بدعم من السعودية وامريكا يضاف الي ذلك ان ترشيح قائد الدستور تحتاج الي تعديل دستوري الذي يمنع ترشح موظف من الدرجة الاولي ويبدو ان ذلك قد يكون خيار حزب الله الاخير فكما حسن خليل المعاون السياسي لمجلس النواب وقال (  ليس لدينا فيتو علي احد ولا علي قائد الجيش ) ويلاحظ في هذا المقام الاجتماع الذي عقده مسئول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله مع قائد الجيش وان كانت مصادر نفت ان اللقاء قد تناول ملف الرئاسة 

انتهاءا الفراغ الرئاسي في لبنان ينتظر حدثا كبيرا لايبدو في الافق او انهيار لبنانيا ظهرت ملامحه